فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



المسألة الثالثة:
قوله تعالى: {فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ} خطاب ممن وقع ومع من وقع؟ قلنا: فيه وجوه أحدها: فيه إضمار تقديره فقلت: على لسان الملائكة ذوقوا عذابي ثانيها: هذا خطاب مع كل مكذب تقديره كنتم تكذبون فذوقوا عذابي فإنهم لما كذبوا ذاقوه ثالثها: أن هذا الكلام خرج مخرج كلام الناس فإن الواحد من الملوك إذا أمر بضرب مجرم وهو شديد الغضب فإذا ضرب ضربًا مبرحًا وهو يصرح والملك يسمع صراخه يقول عند سماع صراخه ذق إنك مجرم مستأهل ويعلم الملك أن المعذب لا يسمع كلامه ويخاطب بكلامه المستغيث الصارخ وهذا كثير فكذلك لما كان كل أحد بمرأى من الله تعالى يسمع إذا عذب معاندًا كان قد سخط الله عليه يقول: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم} [الدخان: 49] {فَذُوقُواْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا} [السجدة: 14] {فَذُوقُواْ عَذَابِى} ولا يكون به مخاطبًا لمن يسمع ويجيب، وذلك إظهار العدل أي لست بغافل عن تعذيبك فتتخلص بالصراخ والضراعة، وإنما أنا بك عالم وأنت له أهل لما قد صدر منك، فإن قيل: هذا وقع بغير الفاء، وأما بالفاء فلا تقول: وبالفاء فإنه ربما يقول: كنتم تكذبون فذوقوا.
المسألة الرابعة:
النذر كيف يذاق؟ نقول: معناه ذق فعلك أي مجازاة فعلك وموجبه ويقال: ذق الألم على فعلك وقوله: {فَذُوقُواْ عَذَابِى} كقولهم: ذق الألم، وقوله: {وَنُذُرِ} كقولهم ذق فعلك أي ذق ما لزم من إنذاري، فإن قيل: فعلى هذا لا يصح العطف لأن قوله: {فَذُوقُواْ عَذَابِى} وما لزم من إنذاري وهو العذاب يكون كقول القائل: ذوقوا عذابي وعذابي؟ نقول: قوله تعالى: {فَذُوقُواْ عَذَابِى} أي العاجل منه، وما لزم من إنذاري وهو العذاب الآجل، لأن الإنذار كان به على ما تقدم بيانه، فكأنه قال: ذوقوا عذابي العاجل وعذابي الآجل، فإن قيل: هما لم يكونا في زمان واحد، فكيف يقال: ذوقوا، نقول: العذاب الآجل أوله متصل بآخر العذاب العاجل، فهما كالواقع في زمان واحد وهو كقوله تعالى: {أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَارًا} [نوح: 25].
{وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38)} أي العذاب الذي عم القوم بعد الخاص الذي طمس أعين البعض، وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
{صَبَّحَهُم} فيه دلالة على الصبح، فما معنى: {بُكْرَةً}؟ نقول: فائدته تبيين انطراقه فيه، فقوله: {بُكْرَةً} يحتمل وجهين أحدهما: أنها منصوبة على أنها ظرف، ومثله نقوله في قوله تعالى: {أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1] وفيه بحث، وهو أن الزمخشري قال: ما الفائدة في قوله: {لَيْلًا} وقال: جوابًا في التنكير دلالة على أنه كان في بعض الليل، وتمسك بقراءة من قرأ: {مِّنَ الليل} وهو غير ظاهر، والأظهر فيه أن يقال: بأن الوقت المبهم يذكر لبيان أن تعيين الوقت ليس بمقصود المتكلم وأنه لا يريد بيانه، كما يقول: خرجنا في بعض الأوقات، مع أن الخروج لابد من أن يكون في بعض الأوقات، فإنه لا يريد بيان الوقت المعين، ولو قال: خرجنا، فربما يقول السامع: متى خرجتم، فإذا قال: في بعض الأوقات أشار إلى أن غرضه بيان الخروج لا تعيين وقته، فكذلك قوله تعالى: {صَبَّحَهُم بُكْرَةً} أي بكرة من البكر و{أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} أي ليلًا من الليالي فلا أبينه، فإن المقصود نفس الإسراء، ولو قال: أسرى بعبده من المسجد الحرام، لكان للسامع أن يقول: أيما ليلة؟ فإذا قال: ليلة من الليالي قطع سؤاله وصار كأنه قال: لا أبينه، وإن كان القائل ممن يجوز عليه الجهل، فإنه يقول: لا أعلم الوقت، فهذا أقرب فإذا علمت هذا في أسرى ليلًا، فاعلم مثله في: {صَبَّحَهُم بُكْرَةً} ويحتمل أن يقال: على هذا الوجه: {صَبَّحَهُم} بمعنى قال لهم: عموا صباحًا استهزاء بهم، كما قال: {فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] فكأنه قال: جاءهم العذاب بكرة كالمصبح، والأول أصح، ويحتمل في قوله تعالى: {صَبَّحَهُم بُكْرَةً} على قولنا: إنها منصوبة على الظرف مالا يحتمله قوله تعالى: {أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} وهو أن: {صَبَّحَهُم} معناه أتاهم وقت الصبح، لكن التصبيح يطلق على الإتيان في أزمنة كثيرة من أول الصبح إلى ما بعد الإسفار، فإذا قال: {بُكْرَةً} أفاد أنه كان أول جزء منه، وما أخر إلى الإسفار، وهذا أوجه وأليق، لأن الله تعالى أوعدهم به وقت الصبح، بقوله: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبح} [هود: 81] وكان من الواجب بحكم الإخبار تحققه بمجيء العذاب في أول الصبح، ومجرد قراءة: {صَبَّحَهُم} ما كان يفيد ذلك، وهذا أقوى لأنك تقول: صبيحة أمس بكرة واليوم بكرة، فيأتي فيه ما ذكرنا من أن المراد بكرة من البكر الوجه الثاني: أنها منصوبة على المصدر من باب ضربته سوطًا ضربًا فإن المنصوب في ضربته ضربًا على المصدر، وقد يكون غير المصدر كما في ضربته سوطًا ضربًا، لا يقال: ضربًا سوطًا بين أحد أنواع الضرب، لأن الضرب قد يكون بسوط وقد يكون بغيره، وأما: {بُكْرَةً} فلا يبين ذلك، لأنا نقول: قد بينا أن بكرة بين ذلك، لأن الصبح قد يكون بالإتيان وقت الإسفار، وقد يكون بالإتيان بالأبكار، فإن قيل: مثله يمكن أن يقال: في {أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} قلنا: نعم، فإن قيل: ليس هناك بيان نوع من أنواع الإسراء، نقول: هو كقول القائل: ضربته شيئًا، فإن شيئًا لابد منه في كل ضرب، ويصح ذلك على أنه نصب على المصدر، وفائدته ما ذكرنا من بيان عدم تعلق الغرض بأنواعه، وكأن القائل يقول: إني لا أبين ما ضربته به، ولا أحتاج إلى بيانه لعدم تعلق المقصود به ليقطع سؤال السائل: بماذا ضربه بسوط أو بعصا، فكذلك القول في: {أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} يقطع سؤال السائل عن الإسراء، لأن الإسراء هو السير أول الليل، والسرى هو السير آخر الليل أو غير ذلك.
المسألة الثانية:
{مُّسْتَقِرٌّ} يحتمل وجوهًا أحدها: عذاب لا مدفع له، أي يستقر عليهم ويثبت، ولا يقدر أحد على إزالته ورفعه أو إحالته ودفعه ثانيها: دائم، فإنهم لما أهلكوا نقلوا إلى الجحيم، فكأن ما أتاهم عذاب لا يندفع بموتهم، فإن الموت يخلص من الألم الذي يجده المضروب من الضرب والمحبوس من الحبس، وموتهم ما خلصهم ثالثها: عذاب مستقر عليهم لا يتعدى غيرهم، أي هو أمر قد قدره الله عليهم وقرره فاستقر، وليس كما يقال: إنه أمر أصابهم اتفاقًا كالبرد الذي يضر زرع قوم دون قوم، ويظن به أنه أمر اتفاقي، وليس لو خرجوا من أماكنهم لنجوا كما نجا آل لوط، بل كان ذلك يتبعهم، لأنه كان أمرًا قد استقر.
المسألة الثالثة:
الضمير في {صَبَّحَهُم} عائد إلى الذين عاد إليهم الضمير في أعينهم فيعود لفظًا إليهم للقرب، ومعنى إلى الذين تماروا بالنذر، أو الذين عاد إليهم الضمير في قوله: {وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا} [القمر: 36].
{فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (39)}.
مرة أخرى، لأن العذاب كان مرتين أحدهما: خاص بالمراودين، والآخر عام.
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40)}.
قد فسرناه مرارًا وبينا ما لأجله تكرارًا. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بالنذر} أخبر عن قوم لوط أيضًا لما كذّبوا لوطًا.
{إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} أي ريحًا ترميهم بالحصباء وهي الحصى؛ قال النّضر: الحاصب الحصباء في الريح.
وقال أبو عبيدة: الحاصب الحجارة.
وفي الصحاح: والحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء وكذلك الحَصِبة؛ قال لَبِيد:
جَرَّتْ عليها أَنْ خَوَتْ مِن أهلَها ** أذيالَها كُلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ

عصفت الريح أي اشتدت فهي ريح عاصفٌ وعَصُوف.
وقال الفَرَزْدق:
مستقبلين شمالَ الشامِ تَضرِبُنَا ** بحاصبٍ كنَديفِ القُطْنِ منثورِ

{إِلاَّ آلَ لُوطٍ} يعني من تبعه على دينه ولم يكن إلا بنتاه {نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} قال الأخفش: إنما أجراه لأنه نكرة، ولو أراد سَحَر يوم بعينه لما أجراه، ونظيره: {اهبطوا مِصْرًا} [البقرة: 61] لما نكّره، فلما عرّفه في قوله: {ادخلوا مِصْرَ إِن شَاءَ الله} [يوسف: 99] لم يُجْرِه، وكذا قال الزجاج: (سحر) إذا كان نكرة يراد به سحَر من الأسحار يصرف، تقول أتيته سحرًا، فإذا أردت سحر يومك لم تصرفه، تقول: أتيته سَحَر يا هذا، وأتيته بسحر.
والسَّحَرُ: هو ما بين آخر الليل وطلوع الفجر، وهو في كلام العرب اختلاط سواد الليل ببياض أوّل النهار؛ لأن في هذا الوقت يكون مخاييل الليل ومخاييل النهار.
{نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا} إنعامًا منّا على لوط وابنتيه؛ فهو نَصْب لأنه مفعول به.
{كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ} أي من آمن بالله وأطاعه.
{وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ} يعني لوطًا خوّفهم {بَطْشَتَنَا} عقوبتنا وأَخْذنا إياهم بالعذاب {فَتَمَارَوْاْ بالنذر} أي شَكُّوا فيما أنذرهم به الرسول ولم يصدّقوه، وهو تفاعل من المِرْية.
{وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ} أي أرادوا منه تمكينهم ممن كان أتاه من الملائكة في هيئة الأضياف طلبًا للفاحشة على ما تقدّم.
يقال: راوَدْته على كذا مُرَاوَدةً ورِوَادًا أي أردتُه.
وراد الكلأَ يروده رَوْدًا ورِيادًا، وارتاده ارتيادا بمعنًى أي طلبه؛ وفي الحديث: «إذا بال أحدكم فلْيَرْتَدْ لِبوله» أي يطلب مكانًا لينًا أو منحدرًا.
{فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ} يروى أن جبريل عليه السلام ضربهم بجناحه فَعُموا.
وقيل: صارت أعينهم كسائر الوجه لا يرى لها شقّ، كما تطمس الريح الأعلام بما تسفي عليها من التراب.
وقيل: لا، بل أعماهم الله مع صحة أبصارهم فلم يروهم.
قال الضحاك: طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل؛ فقالوا: لقد رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا؟ فرجعوا ولم يروهم.
{فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ} أي فقلنا لهم ذوقوا، والمراد من هذا الأمر الخبر؛ أي فأذقتهم عذابي الذي أنذرهم به لوط.
{وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ} أي دائم عام استقر فيهم حتى يفضي بهم إلى عذاب الآخرة.
وذلك العذاب قَلْب قريتهم عليهم وجعل أعلاها أسفلها.
و {بُكْرَةً} هنا نكرة فلذلك صرفت.
{فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ} العذاب الذي نزل بهم من طمس الأعين غير العذاب الذي أهلكوا به فلذلك حسن التكرير.
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ} تقدم. اهـ.

.قال الألوسي:

{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بالنذر} على قياس النظير السابق.
{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حاصبا}.
ملكًا على ما قيل يحصبهم أي يرميهم بالحصباء والحجارة أو هم اسم للريح التي تحصب ولم يرد بها الحدوث كما ف ناقة ضامر وهو وجه التذكير، وقال ابن عباس: هو ما حاصبوا به من السماء من الحجارة في الريح، وعليه قول الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام تضربنا ** (بحاصب) كنديف القطن منثور

{إِلا ءالَ لُوطٍ} خاصته المؤمنين به، وقيل: إله ابنتاه {نجيناهم بِسَحَرٍ} أي في سحر وهو آخر الليل، وقيل: السدس الأخير منه، وقال الراغب: السحر والسحرة اختلاط ظلام آخر الليل بصفاء النهار وجعل اسمًا لذلك الوقت، ويجوز كون الباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال أي ملتبسين {بِسَحَرٍ} داخلين فيه.
{نّعْمَةً مّنْ عِندِنَا} أي إنعامًا منا وهو علة لنجينا، ويجوز نصبه بفعل مقدر من لفظه، أو بنجينا لأن النتيجة إنعام فهو كقعدت جلوسًا {كذلك} أي مثل ذلك الجزاء العجيب {نَجْزِى مَن شَكَرَ} نعمتنا بالايمان والطاعة.
{وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ} لوط عليه السلام {بَطْشَتَنَا} أخذتنا الشديدة بالعذاب.
وجوز أن يراد بها نفس العذاب {فَتَمَارَوْاْ} فكذبوا {بالنذر} متشاكين، فالفعل مضمن معنى التكذيب ولولاه تعدى بفي.
{وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ} صرفوه عن رأيه فيهم وطلبوا الفجور بهم وهذا من إسناد ما للبعض للجميع لرضاهم به {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} أي أزلنا أثرها وذلك بمسحها وتسويتها كسائر الوجه، وهو كما قال أبو عبيدة، وروى أن جبريل عليه السلام استأذن ربه سبحانه في عقوبتهم ليلة جاءوا وعالجوا الباب ليدخلوا عليهم فصفقهم بجناحه فتركهم عميانًا يترددون لا يهتدون إلى طريق خروجهم حتى أخرجهم لوط عليه السلام.
وقال ابن عباس والضحاك: إنما حجب إدراكهم فدخلوا المنزل ولم يروا شيئًا فجعل ذلك كالطمس فعبر به عنه.
وقرأ ابن مقسم {فَطَمَسْنَا} بتشديد الميم للتكثير في المفعول {فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ} أي فقلنا لهم ذلك على ألسنة الملائكة عليهم السلام، فالقول في الحقيقة لهم وأسند إليه تعالى مجازًا لأنه سبحانه الآمر أو القائل ظاهر الحال فلا قول وإنما هو تمثيل، والمراد بالعذاب الطمس وهو من جملة ما أنذروه.
{وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً} أول النهار وهي أخص من الصباح فليس في ذكرها بعده زيادة وكان ذلك أول شروق الشمس، وقرأ زيد بن علي {بُكْرَةً} غير مصروفة للعلمية والتأنيث على أن المراد بها أول نهار مخصوص.
{عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ} يستقر بهم ويدوم حتى يسلمهم إلى النار، أو لا يدفع عنهم، أو يبلغ غايته.
{فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ} حكاية لما قيل لهم بعد التصحيح من جهته تعالى تشديدًا للعذاب، أو هو تمثيل.
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرءان لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} تقدم ما فيه من الكلام. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33)}.
القول في مفرداته كالقول في نظائره، وقصة قوم لوط تقدمت في سورة الأعراف وغيرها.
وعرف قوم لوط بالإِضافة إليه إذ لم يكن لتلك الأمة اسم يعرفون به عند العرب.
ولم يُحك هنا ما تلقَّى به قوم لوط دعوة لوط كما حكي في القصص الثلاث قبل هذه، وقد حكي ذلك في سورة الأعراف وفي سورة هود وفي سورة الحجر لأن سورة القمر بنيت على تهديد المشركين عن إعراضهم عن الاتّعاظ بآيات الله التي شاهدوها وآثار آياته على الأمم الماضية التي علموا أخبارها وشهدوا آثارها، فلم يكن ثمة مقتض لتفصيل أقوال تلك الأمم إلا ما كان منها مشابهًا لأقوال المشركين في تفصيله ولم تكن أقوال قوم لوط بتلك المثابة، فلذلك اقتصر فيها على حكاية ما هو مشترك بينهم وبين المشركين وهو تكذيب رسولهم وإعراضهم عن نذره.